الأخبار

اليونسكو تركز على أهميّة معارف السكان الأصليّين، في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 22)

افتتحت زاوية اليونسكو في مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ (كوب22) 2016 نشاطها اليوم بمجموعة من النقاشات حول الحلول التي يمكن أن تقدّمها معارف السكان الأصليّين لمواجهة التغيرات المناخيّة، وكيفيّة تقديم الدعم اللازم على أكمل وجه لا سيما للمجتمعات المحليّة ومجتمعات السكان المحليّين المعرضة للخطر. ويعيش أكثر من 400 مليون مجموعة من السكان الأصليّين في مناطق معرضة إلى خطر كبير جرّاء تأثيرات التغيرات المناخية. فعلى سبيل المثال، يعاني السكان الأصليّون في أوروبا الشماليّة وسيبيريا وألاسكا ومجتمعات الرعاة في منطقة الساحل والجماعات التي تعيش على جزر المحيط الهادئ من آثار التغيرات المناخيّة. ولكنّ هذه الشعوب تستخدم معارف دقيقة للغاية، توصلت إليها بفضل خبرتها المباشرة بهذا الخصوص على مرّ الأجيال، من أجل رصد ظروف التغيرات المناخيّة والتصدّي لها على نحو فعّال. 

ومن جهتهم، قدّم ممثلو السكان الأصليّين الاستنتاجات الرئيسة التي توصّل إليها المؤتمر الدولي الذي نظمته اليونسكو بالتعاون مع المركز الوطني للبحث العلمي لدعم الجهود الدوليّة التي تهدف إلى تنفيذ اتفاق باريس بشأن تغير المناخ. وركّز المؤتمر الذي عقد يومي 2 و 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 على الدور الذي تضطلع به المعارف المحليّة ومعارف السكان الأصليّين، إلى جانب العلوم، في رصد آثار التغيرات المناخيّة والتصدّي لها. 

ولطالما اعترفت اليونسكو بالحاجة إلى جمع الأسس والقيم والحلول من آفاق مختلفة من أجل مواجهة التغيرات العالميّة. وفي هذا السياق، أشارت فلافيا سشليجيل، مساعدة المديرة العامة لليونسكو لشؤون العلوم الطبيعيّة، إلى أنّ "السكان الأصليّين يواجهون هذه التغيرات ويبتكرون ويتكيّفون معها، وتتجذّر قدرتهم على التكيّف والمقاومة في أساليب حياتهم وتضامنهم الاجتماعي." وتابعت قائلة: "سيتمكّنون من إيجاد الحلول مهما كانت الصعوبات، وذلك بفضل ثقتهم في ثقافاتهم المتأصلة وقوّة ملاحظاتهم ومعارفهم، التي تعدّ معارف مبتكرة وموروثة في نفس الوقت."

والجدير بالذكر أنّه يمكن للتعاون بين أصحاب معارف السكان الأصليّين والعاملين في مجال البحث العلمي أن يولّد معارف جديدة مشتركة تتيح إمكانيّة العمل الفعّال للتعامل مع التغيرات المناخيّة. ويجب توفير فهم أفضل لأوجه الشبة والاختلاف بين النظم المعارفيّة المختلفة من أجل تسهيل هذا التعاون. فعلي سبيل المثال، تقيس شعوب الساما أشدّ الظروف من حيث العواقب المترتّبة عليها، في حين أنّ خبراء الأرصاد الجويّة يعتمدون على شدّة هذه الظروف في قياساتهم. فعلى سبيل المثال، تعتبر شعوب الساما مجموعة التيارات الدافئة والباردة غير الشديدة التي أدّت إلى تكوين طبقة من الجليد على الثلج ما يمنع حيوانات الرنّة من الوصول إلى مصادر الطعام، من الظروف الشديدة ولكن لن يعتبرها خبراء الأرصاد الجويّة كذلك.  

عادة ما تكون ملاحظات ومعارف السكان الأصليّين من العناصر التي يغفل عنها العلماء. ففي إثيوبيا، لطالما كان الرعاة يتنبهون إلى أحوال الطقس والمناخ من خلال رصد النجوم واتجاه الرياح والماشية والحشرات والطيور والأشجار وغيرها من أشكال الحياة البريّة. ويتم جمع المعلومات ومشاركتها وتحليلها في المؤسسات التقليديّة، التي تعمل بدورها على تحديد مصادر المعلومات المختلفة.

والجدير بالذكر أنّ السكان الأصليّين عاشوا، عبر الأجيال، في المناطق البريّة حول العالم وتفاعلوا معها وحافظوا عليها. كما أنّ ممارساتهم في إدارة الحرائق وتعزيز التحريج وتقوية التربة الأصليّة ساهمت في تشكيل التضاريس حول العالم. وتمتلك هذه الممارسات القدرة على تعزيز امتصاص الكربون وتحقيق المنافع للمجتمعات. وتوفّر هذه الممارسات الأدوات اللازمة لإدارة الطبيعة على نحو مستدام. ولكن ما زال هناك صعوبات في تحديد الطرق الملاءمة لتوظيف معارف السكان الأصليّين على المستوى الدولي الحكومي مع أنّه ازداد الاعتراف الدولي بأهمية معارف السكان الأصليّين للبيئة، ناهيك عن زيادة الوعي بالحاجة إلى حماية حقوق السكان الأصليّين.  

ويذكر أنّه سيجري تنظيم مجموعة من الأيام حول عدد من المواضيع ذات الصلة خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في الجزء المخصّص لليونسكو في منطقة المجتمع المدني في المؤتمر الثاني والعشرين للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، وذلك بهدف مساعدة الدول الأعضاء من خلال خبرة اليونسكو الفريدة في تخصّصات مختلفة والتوعية في التعليم المعني بالتغيرات المناخيّة والعلوم والثقافة والاتصال والتواصل وحشد الجهود لزيادة الوعي بالتغيرات المناخيّة.