الأخبار

اليونسكو والمملكة العربية السعودية تدشنان خمسة مشاريع لصون التراث الثقافي

عقدت اليونسكو والمملكة العربية السعودية اجتماع تنسيق استهلالي بتاريخ 5 تموز/ يوليو 2023، ودشنتا خلاله خمسة مشاريع في مضمار التراث الثقافي. وسيجري خلال ثلاث سنوات تقديم 10 ملايين دولار أمريكي في إطار الاتفاق الخاص بأموال الودائع المُبرم في كانون الثاني/ يناير 2020 بين اليونسكو ووزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية.

نُدشّن هذا الإسهام البارز في لحظة حاسمة يقف فيها التراث الثقافي في شتى بقاع العالم أمام طريق محفوفة بالتحديات المستجدة، ومليئة في نفس الوقت بفرص تُعزى إلى التقنيات الجديدة. ونغتنم الفرصة لنتشكَّر المملكة العربية السعودية على الثقة التي أولَتنا إياها في إطار ولايتنا، وكذلك على ثقتها بالثقافة بوصفها قوة دافعة لتحقيق التنمية المستدامة.

إرنيستو أوتونمساعد المديرة العامة لليونسكو للثقافة

وتجدر الإشارة إلى أنّ المشاريع تُجسّد الرؤية المتمثلة في "الأولوية لأفريقيا"، وهي إحدى استراتيجيات اليونسكو العالمية الرامية إلى تعزيز السلام والتنمية المستدامة في جميع أرجاء أفريقيا من خلال الثقافة والتعليم والعلوم. سوف تتموضع التنمية الاجتماعية والاقتصادية في صميم سلسلة أنشطة هذه المشاريع، وستتشاطر مكانتها المركزية هذه مع الجهود الرامية إلى صون التراث الثقافي غير المادي في جميع أرجاء القارة.

ويُتيح التمويل لليونسكو تلبية الاحتياجات التي تُعرِب عنها دولها الأعضاء، فضلاً عن احتضان الفُرص التي تُحدِّدها، في مجال صون التراث، بما في ذلك بناء القدرات من أجل سياحة مستدامة تقودها المجتمعات المحلية في أمريكا اللاتينية والكاريبي، ناهيك عن إذكاء الوعي بشأن الاتجار غير المشروع باستخدام التقنيات الرقمية، واستعراض الأساليب الغذائية المختلفة والمستدامة من خلال منصة رقمية.

يسعى المشروع إلى تحقيق التآزر بين اتفاقيات اليونسكو الست المعنية بالثقافة لإيجاد بيئة ثقافية حيوية. 

المشاريع

  • إيجاد بيئة مستدامة تحتضن التراث بغية تحقيق التنمية الاقتصادية في أفريقيا

من الأهمية بمكان تحقيق أقصى فائدة ممكنة من الإمكانيات الكامنة في التراث، لا سيما في ظل التوسع الحضري السريع والمخاطر المتزايدة لتغير المناخ واستفحال أوجه عدم المساواة، وذلك في سبيل الدفع بعجلة التحول الاجتماعي والاقتصادي المستدام في أفريقيا.

تتمثل الغاية المنشودة من هذا المشروع في تسخير التقنيات المبتكرة والصناعات الإبداعية في سبيل الذود عن التراث وتعزيزه من خلال (أولاً) تكوين الكفاءات في مجال آليات الترشيح، و(ثانياً) تدريب الخبراء الأفارقة على استخدام التقنيات الجديدة لصون التراث وإدارته، و(ثالثاً) تعزيز الابتكار في مضمار التراث وفي الصناعات الثقافية والإبداعية الرامية إلى إحداث تحول اجتماعي واقتصادي. وتجدر الإشارة إلى أنّ المشروع سيُدشَّن في إطار برنامج اليونسكو الرائد "الأولوية لأفريقيا" (تعزيز التراث الثقافي وتنمية القدرات)، ومن شأنه المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 (خطة عام 2030) وخطة الاتحاد الأفريقي لعام 2063: أفريقيا التي نصبو إليها.

  • تعزيز القدرات لإعداد وتقديم التقارير الدورية بموجب اتفاقية عام 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي في أفريقيا

من المُقرّر أن ترفع الدول الأطراف في اتفاقية اليونسكو لصون التراث الثقافي غير المادي تقريراً عن التدابير المتخذة لصون التراث الثقافي غير المادي. وتجدر الإشارة إلى أنّ أهمية هذه التقارير لا تقتصر على كونها تقدّم مصادر وحسابات فريدة عن حالة حماية التراث وتعزيزه طوال السنوات الماضية، فهي تُعتبر أيضاً بمنزلة مؤشرات للتحديات والفرص.ويتعيّن هذا العام على البلدان الأربعة والأربعين، التي تضم الدول الأفريقية الأطراف في الاتفاقية، رفع تقاريرها، لتغدو بذلك المنطقة الرابعة التي تخضع إلى النظام المُنقّح للتقارير الدورية. ستساهم هذه التقارير في إعداد التقرير العالمي الشامل المعني بالسياسات الثقافية، والذي سيُنشر في عام 2025 بناء على طلب تقدّمت به الدول الأعضاء خلال مؤتمر اليونسكو العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة.وعليه، سيكفل المشروع تعزيز القدرات المهنية لجهات التنسيق القطرية كي يتسنى لها تسهيل عمليات إعداد التقارير وتحسينها؛ وكذلك تعزيز القدرات المؤسسية على المستوى الوطني، وبالتالي تعزيز عمليات الرصد على مستويات متعددة.

  • الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية

يسلب الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية السكان والبلدان تاريخهم وثقافتهم، ويقوض حقوق الشعوب والمجتمعات في هويتها وتراثها. وعلاوة على ذلك، تؤجج هذه الأعمال عمليات غسل الأموال والتهرب الضريبي وتمويل الأنشطة الإرهابية. واستفحل الاتجار غير المشروع في السنوات الأخيرة إثر انتشار استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يتطلب تعبئة المجتمع الدولي على الفور للعمل بيد واحدة.

وإنّ المشروع، وإذ يلبي الاحتياجات المتمثلة في توعية الجمهور، يعمل على إذكاء الوعي بشأن عواقب الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية عبر الإنترنت. وسيدعم هذا المشروع أيضاً استعادة القطع الأثرية المسروقة من خلال تطوير قاعدة بيانات افتراضية للقطع المسروقة باستخدام تقنيات ثلاثية الأبعاد وتكنولوجيات الواقع المعزز.

  • تعزيز قدرات المجتمعات المحلية القادرة على التكيف من خلال السياحة المستدامة وحماية التراث في أمريكا اللاتينية والكاريبي

تقدّم السياحة محرّكاً قوياً يسهم في إبراز ممارسات التراث الثقافي غير المادي، بيد أنّ سوء إدارتها إدارة فعالة قد يهدد الممارسات المجتمعيَّة.

يولي المشروع تركيزاً كبيراً لإدارة الزيارات، إذ يصبو إلى تمكين أفراد المجتمع المحلي في أمريكا اللاتينية والكاريبي لتسخير السياحة باعتبارها وسيلة لصون تراثهم الحي، وليس مصدر عرقلة لتناقله. ويحرص المشروع على بناء القدرات استرشاداً بالاحتياجات المحليّة، ويقدم الدعم لإيجاد مَورد رزق للمجتمعات المحليَّة. وسيجري تدريب سلطات إدارة التراث، جنباً إلى جنب مع المهنيين الذين يؤدون دوراً حاسماً في الميدان، لتوضيح ماهية التراث والتأثير في سلوك الزوار. ومن المُقرّر صياغة استراتيجيات لتوعية الجهات المعنية في مجال السياحة بشأن التسويق المسؤول والترويج لأهمية التراث الثقافي.

ويُنشئ هذا المشروع أيضاً أوجه تآزر بين اتفاقية التراث العالمي واتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي. وسوف تُلبّي برامج "النقد لقاء العمل"، المُنفّذة في مواقع التراث العالمي، احتياجات الحفظ، فيما تحرص على تحسين مهارات الشباب والمجتمع المحلي.

  • أطلس الأغذية الدولي والمنصة الرقمية لصون الأساليب الغذائية وتعزيزها ونقلها إلى أجيال الغد

يمكن للممارسات التقليدية المرتبطة بالأساليب الغذائية، بما في ذلك الزراعة المستدامة، المساهمة في التصدي لعدد من أبرز التحديات المذكورة في خطة عام 2030، ولا سيما الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالقضاء التام على الجوع وتوفير الأمن الغذائي.

يجهل الكثيرون اليوم ماهية الزراعة المستدامة في كثير من الأحيان، أو لا تُؤخَذ هذه الزراعة في الاعتبار على نحو كافٍ في عملية صنع السياسات. وعليه تتمثل الغاية من هذا المشروع في تطوير المعرفة بشأن الأساليب الغذائية باعتبارها أحد أشكال التراث الحي، فضلاً عن مساهمتها في تحقيق التنمية المستدامة من خلال الرسائل الرقمية.

فيما يلي قائمة بثلاثة نواتج محددة: 

  • إنشاء منصة رقمية إلكترونية لتوضيح تنوع الأساليب الغذائية وأوجه الترابط بينها وبين التنمية المستدامة

  • توفير فرص للجهات المعنية للانخراط في الحوار والتعرف على الأساليب الغذائية باعتبارها تراثاً حياً، من خلال المحافل الوطنية والدولية، فضلاً عن عمليات تبادل الآراء بين الأقران.

  • إجراء البحوث والدراسات عن دور الأساليب الغذائية في تحقيق الرفاهية والتنمية المستدامة في كنف المجتمعات المحلية.

تستند المشاريع الخمسة الجديدة، التي تحظى بدعم من المملكة العربية السعودية، على تجربة مشروع "المنصة التراثية الرقمية" المخصصة لمواقع التراث العالمي في الدول العربية، والممولة من وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية.