قصة

أسرة فلسطينية تتغلب على مرض كوفيد-19 بالحجر الصحي واتباع التباعد الجسدي

صبيحة أحد الأيام، استيقظ العالم على فيروس منتشر على نطاق واسع، ثمّ أعلن عن تحوله إلى جائحة. ولكن قبل ذلك، كان الناس يمارسون حياتهم الطبيعية من عمل ودراسة، وكان بعض الطلاب يترقبون تخرجهم، وكان في كل عائلة فرد واحد على الأقل يقيم في الخارج، إما للعمل أو الدراسة أو حتى لقضاء العطلة أو شهر العسل. وكانت هناك حفلات زفاف مقررة وبعض المناسبات الوطنية، كما كان من المقرر عقد مؤتمرات عالمية حيث حُجزت بطاقات السفر والفنادق والمقرات؛ ولكن في هذا اليوم انقلب كل شيء رأساً على عقب، وأصبح للعالم همٌّ مشتركٌ، ألا وهو هذه الجائحة.

وعلى صعيد فلسطين، سُجِّلت أول 17 إصابة في مدينة بيت لحم، نظراً إلى أنَّ هذه المدينة تستقبل آلاف السياح والحجاج شهرياً للصلاة في كنيسة المهد، ولا سيما في فترة الصوم الفصحي الذي نشهده حالياً. وفي إثر ذلك، أُغلقت المدينة بالكامل، وخضع الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس للحجر الصحي، وأُجليت مجموعات السياح بعد ثلاثة أيام من العزل، كما خضع من تعامل مع المصابين، إلى الحجر الصحي في فنادق هُيئت لهذا الغرض، مع تأمين الرعاية الطبية والإنسانية لهم.

وكذلك أُغلقت المدارس ورياض الأطفال والجامعات وغيرها من الأماكن العامة، واتخذت المؤسسات تدابير لتيسير التعلّم الإلكتروني والعمل عن بعد؛ ولم يكن أمام القطاع العام خيار سوى اتباع هذه التدابير من أجل الحدّ من انتشارالفيروس،  بعد تأكيد وجود الحالات الأولى في مدينة بيت لحم.

وازدادت أعداد الإصابات، ولكن الزيادة لم تكن كبيرة، وُسمح للصحفيين بتغطية الحياة اليومية والوضع على الأرض؛ وناشد الرئيس ورئيس الوزراء الشعب الفلسطيني بالتعاون والتزام الحذر.

كانت عائلتنا متشوقة لاحتضان ابنتنا وتقبيلها، غير أننا فكرنا فيها وفي صحتنا، ولم نرغب في المخاطرة بصحة أي شخص آخر في حال كانت حاملة للفيروس
سمير جبران

وفي ذلك الصباح، وصلت الفتاتان مباشرة من المطار ولم تدخلا إلى الشقة، وإنما سلّمتا على العائلة من المصعد، وذهبتا مباشرة إلى الطابق الثالث لتعزلا نفسيهما، مع اتخاذ جميع الاحتياطات الصحية اللازمة. 

ولكن لم يدم هذا الوضع أكثر من ليلة واحدة، فقد ظهرت على الفتاتين أعراض مصحوبة بارتفاع الحرارة، فاتصلت العائلة بالمعهد الوطني الفلسطيني للصحة العامة، الذي أرسل فريقاً طبياً قرابة منتصف الليل لأخذ العينات، ونقلهما مباشرة إلى المستشفى لتقديم الرعاية الطبية لهما. وفي الصباح التالي جاء التأكيد بأن نتائج الفحص إيجابية.

 

يجب أن يتوقف الناس عن الترويج للشائعات، فهي تزيد من اضطرابنا وتقلقنا، فقد انتشرت إشاعة بأن ابنتي وصديقتها كانتا تحملان الفيروس قبل ظهور النتائج الطبية. ونحن لم نُخفِ هذه المعلومة، وأعلناها حالما وصلنا التأكيد الطبي.
سمير جبران

ومن الجدير بالذكر، أن اليونسكو تقوم بمكافحة الأخبار المزيفة والمعلومات المضللة، وقد أكدنا لسمير والمجتمع المحلي أننا لن نألو جهداً في العمل على تحقيق الشفافية وتوفير الانتفاع بالمعلومات، فهما السبيل إلى توعية الجمهور. وتتخذ الحكومة الفلسطينية إجراءات وتدابير واسعة النطاق لمعالجة هذا الوضع غير المسبوق.

ساهم وعي عائلة الشابة المصابة بفيروس كورونا الجديد في رام الله، والإجراءات التي اتخذتها لعزل ابنتها وصديقتها في المنزل، في منع انتشار الفيروس، إذ لم تتواصل الفتاتان مع أي شخص في محافظة رام الله والبيرة.
صحفيون وناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي

مما يدعو إلى التفاؤل أنَّ كاتيا وصديقتها تتعافيان من المرض، وقد انضمتا إلى عائلتيهما بينما نقرأ هذه السطور.